بسم الله الرحمن الرحيم
الخلاصة
قال القونوي : أحب أن أذكر أن ابن تيمية قد أثبت في کلامه حقائق أعدها مع غيري ممن درس هؤلاء أساسا في معرفة هذه الزمر، فهو يقبل أنهم من مصدر فارسي، والدارسون المعاصرون يؤكدون ذلك ويزيدون عليه التأثير البوذي والمانوي وغيره، وأنهم بمنزلة الملامية في صورتها المتأخرة الفاسدة بعد أن كان أوائلهم على سبيل يؤجرون فيه على نياتهم .
كما أني أرجح - والله أعلم - أن «قلندر» الذي وردت الإشارة إليه في السؤال هو المذكور عند قلندرية الهند بـ ( عبد العزيز علمبر دار) الذي مرت بك ترجمته، وأن السائل قد سمع به ممن أقبل إلى الشام من قلندرية الهند من أمثال جوكو الهندي (ت 724 هـ ) الذي كان قلندريا وصحب سابقان الشيرازي القلندري ثم قيل إنه ترك ذلك النهج وسكن بالمدرسة التقوية بدمشق، ومعلوم أن القلندري حين يتنقل في البلاد يتنقل جماعات جماعات، فليس جوکو القلندري الهندي الوحيد الذي استوطن زوايا القلندرية في الشام.
ويلحظ الدارس لمصادر التاريخ الإسلامي أن أكثر من كانت له « ارتباطات » و« علاقات » بغزاة الأوطان، وكان مستحقا بذلك الوصف « الخيانة الوطنية » - بتعبير الناس اليوم - كان ممن أدرج اسمه في سجل أولياء الصوفية (طبقات الصوفية)، ولن يخفى على ذي عينين، من أولئك الدارسين، الوئام الذي كان بين تلك الشخصيات، وبين المغول، ويمكن تسمية ذلك العصر : «عصر الأولياء العملاء»، لتوافرهم فيه !
وغير بعيد أن يكون في عديد هؤلاء « الأولياء العملاء »، من هو زندیق
خاتمة :
رأيت مما سبق ومضى حال هؤلاء الذين سموهم في ذلك الزمان أولياء وعليه فسنلخص ما فات في خاتمة يسيرة على شكل نقاط حتى نحكم بها وكاء قربتنا ونربطها فلا يضيع مما سبق من المعلومات شيئا بإذن الله :
1 – إن الاجتياح المغولي تاريخيا هو حادث لم يحدث منذ فتوحات الراشدين الأولى كاكتساح شامل تام وعليه فقد كان أول قوة تستخدم جنسا وفرقة من المنتسبين للإسلام لتحقيق مآربها وقتل روح الفطرة السليمة في مقاومة العدو ولا أعلم فيما أعلم أن أحدا قد سبق المغول في هذا ولا حتى الصليبيين فالصليبيون استنجدوا ببني جلدتهم من النصارى الساكنين لبلاد المسلمين
2- هذا التوظيف المغولي الخطير لهذه الشراذم والحثالة ما هو إلا مفتاح تفننت فيه القوى المحتلة اللاحقة لبلاد المسلمين بداية بالصليبيين ثم العثمانيين ومرورا بالقوى الغربية والشرقية في القرون المتأخرة
3- وإن استخدام المغول لأهل "التفريط" من متصوفة في مآربهم وأغراضهم وكذا فعل غيرهم لاحقا فلا يبعد استخدام العدو أيضا لأهل "الإفراط" من الغلاة أيضا بذات الشكل ونفس الصورة فالإسلام وسط بين الإفراط والتفريط
4- لم تكن هذه الأسماء التي ظهرت من خراسان في غالبها عبثية كحال شمس الدين التبريزي والذي كان جده خليفة للحسن الصبّاح صاحب الحشاشين بل هم تقمصوا دورا جديدا بعد انتهاء دورهم الأول ولا يبعد أنهم هم من وجّه المغول نحو أهدافه ضد الإسلام والمسلمين وكذا جلال الدين الرومي وأصله من مناطق خوارزم شاه وغيره كثير ودونك ما فات فانظر أسماءهم وكناهم فكلها تقريبا من خراسان والمشرق
5- يلاحظ أن هؤلاء القلندرية بعد تلبسهم بدولة المغول الإيلخانية وتسييرهم وإلباسهم الإسلام لها ولسلاطينها استطاعوا لاحقا تلبس الدولة العثمانية وأمراءها بداية بأرطغرل وأوصمان وأورخان , فالبكتاشية هي العمود الفقري للدولة العثمانية ووقتها كانت الدولة العثمانية لا تأبه بقضية رسم العقيدة الخاصة بها ولم تفعل هذا إلا لصد هجمات الصفويين بعد احتلالها للحرمين الشريفين كعقيدة مضادة للتشيع
6 – يلاحظ معنا مما فات أن الموضوع قديم ومن قبل وجود الدولة العثمانية وأنه من زمن العباسيين وأنه لم يعالج إطلاقا من قبل خليفة عباسي ولا أي سلطان أو حاكم بل كان ككرة الثلج يكبر ويزداد نجاسة كلما تقدم الزمن
7 – ستجد فيما سبق أن المغول هم أول من بدأ استخدام جماعات القلندرية لكن استطاع المماليك أيضا استخدامهم لصالحهم وكذا فعل العثمانيين والصفويين فصاروا أجراء عملاء لمن يدفع
8 – فيما أسلفنا نقلا وجدت أن القلندرية وإن توجهت لهم جماعات للعثمانيين لكن كان منهم من حاول اغتيال بعض السلاطين العثمانيين كبايزيد الثاني وسليمان القانوني وبعض الصدور العظام لكن بالنظر للفترة فهي فترة أوج الصراع العثماني الصفوي فكما استخدم المغول والمماليك القلندرية استخدم الصفويون والعثمانيون القلندرية خاصة إذا علمنا أن القلندرية الحيدرية في فارس تشيعوا مع ظهور الدولة الصفوية
هذا والله تعالى أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والحمدلله رب العالمين
Tidak ada komentar:
Posting Komentar